موقع الموجة القبطية

آباء مجمع القداس الباسيلى

صورة فى موقع الموجة القبطية - آباء مجمع القداس الباسيلى - أنبا شنــــــودة رئيس المتوحدين

رئيس المتوحدين : كان من بين الآباء الذين صحبوا البابا كيرلس إلى مجمع أفسس المسكونى راهب أسمه شنـــــــودة الأخميمى ، ( الأسم البحيرى شنــــــوتى ) – أحد جبابرة الكنيسة القبطية ، ولقد تنبأ عنه القديس أورسيسيوس الشبيه بالملائكة . فقد كان هذا القديس سائرا فى الطريق ذات يوم ليقوم بخدمة لازمة للدير ، والتقى أثناء سيره بأم شنودة بينما كانت فى طريقها لتستقى ماء ، ولم تكن قد أنجبته بعد . فذهب اورسيسيوس إليها ، وسلم عليها ، وقال لها : " سيبارك الله ثمرة بطنك ويعطيك أبنا يفوح أسمه كالعنبر فى كل أرجاء المسكونة " . وبعد أن رزق والديه به ربياه على المبادىء المسيحية العليا . وكان شنودة يعمل فى رعى الغنم بحقل والده ، طيلة النهار – وكان يعطى طعامه للرعاة , أما هو فكان يجلس قرب بئر ويصلىحتى منتصف الليل ، ولما اكتشف أبوه هذا الأمر تهلل وفرح . وذهب إلى البيت وأبلغ زوجته بما رأى . وفى اليوم التالى ، استصحبه أبوه إلى خاله الراهب المعروف الأنبا بجول ، ولما وصل الأثنان إلى الدير قال له والد شنودة : " بارك ياأبى هذا الصبى " . ولكن الأنبا بجول أخذ يد الصبى ووضعها على رأسه قائلا : " أنا الذى يجب أن ينال البركة من هذا الصبى ، لأنه إناء مختار للسيد المسيح الذى سيخدمه بأمانة كل أيام حياته " . فلما سمع والد شنودة هذا الكلام تطاير قلبه فرحا ، واستودع الولد عند خاله ، فنشأ شنودة منذ صباه بدير خاله ، ومنه اقتبس كل الفضائل المسيحية . وكان خاله يراقب جهاده الروحى باهتمام زائد ، حتى سمع ملاك الرب يقول له : " البس الراهب شنودة الأسكيم المقدس " . فقام فى الصبح باكرا جدا وصلى صلاة الأسكيم المقدس ومنطقه به ، وعاش شنودة فى الدير الأحمر لسنوات حيث كان خاله أبا للرهبان . وقد ضاعف شنودة من مجهوده فى دراسة الأسفار الإلهية ، ولم يقتصر على دراستها لنفسه ، بل أخذ يعلمها للرهبان والمدنيين الذين كانوا يفدون للدير للوفاء بما عليهم من نذر ، وقد سمع الرهبان الشيوخ صوتا يقول : " لقد أصبح شنودة رئيسا للمتوحدين " ومع أن الأنبا شنودة اتبع نظام الرهبنة السائد فى مصر إلا أنه وضع خطة يسير عليها رهبانه بها بعض الأختلاف ، تتلخص فيما يلى : 1- طالبو الرهبنة : أفرد الأنبا شنودة منازل خاصة لطالبى الرهبنة ، جعلها خارج الدير ، يقضى فيها طالب الرهبنة المدة المقررة للتدريب يثبت خلالها أنه خليق بحياة النسك التى طلبها عندئذ ينضم إلى جماعة الرهبان ، ويعيش معهم داخل الدير ، وقد رأى الأنبا شنودة أن يوقع الراهب عند رسامته على عهد كتابى يأخذه على نفسه بأتباع قوانين الدير وبالتزام المساواة بينه وبين أخوته الرهبان ، وكان هذا التوقيع على عهد من ابتكار الأنبا شنودة نفسه . 2- الأدارة : كان لمجموعة أديرة الأنبا شنودة رئيس أعلى لقب منذ القرن الخامس بالأرشيمندريت . وكان هو ووكيله مسئولين عن إدارة الدير الرئيسى والأديرة الفرعية التابعة له, وكان لكل دير فرعى مشرف مسئول عن تنظيم الأعمال اليدوية فيها , أما القيادة الروحية فكان الرئيس الأعلى مسئولا عنها بنفسه فى كل الأديرة التابعة له ولكى يؤدى هذا الواجب العظيم كان يعقد أربعة أجتماعات سنوية يحضرها جميع الرهبان حتى لقد كان المتوحدون يحضرونها أيضا . 3- العبادة : اهتم الأنبا شنودة اهتماما خاصا بالنمو الروحى بين رهبانه فنظم الصلوات وجعلها على أربعة أقسام : أ – صلاة قصيرة ترددها كل مجموعة من الرهبان عند البدء فى العمل المنوط بها ب- الصلوات الخاصة من المزامير والتسابيح وقد تركت الحرية لكل راهب فى ما يقول وفى المواعيد التى يختارها . ج- الصلاة الجماعية : وقد خصص لها أربعة مواعيد يوميا – صباحا وظهرا وعند الغروب وليلا . د- القداس الألهى : كان المتبع فى الأديرة أن يكون القداس الألهى قاصرا على الرهبان فقط ، ولكن الأنبا شنودة فتح الأديرة للشعب من مساء السبت ( رجالا ونساءا واطفالا وشمامسة ) لحضور صلوات المساء والمبيت بالدير ، ثم يشتركون فى القداس صباحا ، وكان الأنبا شنودة يدعو الشعب لتناول الغذاء بالدير ويقوم الآباء الرهبان على خدمة الشعب ، وكان الأنبا شنودة يعظ الشعب ويرشدهم إلى الأيمان الأرثوذكسى ، وكان يجيب على أسئلة من لم يعتنقوا المسيحية بعد ، فكان ذلك صورة جميلة للترابط الروحى بين الشعب داخل المجتمع وتقوى الصلة بين الشعب والأديرة . 4- التعليم : أهتم الأنبا شنودة بالتعليم ، وشمل ذلك أهالى المنطقة ، لحمايتهم من الخرافات ، كما اهتم تقديم الخدمات الطبية للأهالى يقدمها لهم الأباء الرهبان . 5- العمل اليدوى : أهتم الأنبا شنودة بالعمل اليدوى فألحق بالدير الأبيض مدرستين يتعلم فيهما الموهوبون من الرهبان كيف ينقلون الكتب ، ويزخرفونها . 6- الطعام والملابس : كانت فى الأديرة الشنودية مثل النمط بالأديرة الأخرى . 7- نظام العزلة : لم يتبع جميع الرهبان العائشين بالدير نظام الشركة ، بل كان منهم من آثر حياة العزلة ، وكان هؤلاء المتوحدون يأتون من وقت لآخر لأخذ حاجتهم من الدير ، وحضور الأجتماعات السنوية ، وهكذا جمع الأنبا شنودة بين نظام الرهبنة الأنطونية والرهبنة الباخومية ، وكان الأنبا شنودة يقضى بعضا من الوقت فى الدير وبعضا منه فى مغارة منعزلة . ولقد عاش الأنبا شنودة فى عصر يتأجج بنيران الأحداث والأنفعالات ففى عصره عقد مجمع أفسس المسكونى عام 430م.لمقاومة نسطور فسافر القديس الأنبا شنودة مع القديس كيرلس عمود الدين لحضور المجمع وبكت نسطور على فساد عقيدته ، وعاصر مجمع خلقيدون الذى شق الكنيسة المقدسة . وفى عصره زالت الوثنية تماما بعد أن حاول الأمبراطور يوليانوس الجاحد عبثا أن يعيدها إلى الوجود ، وفيه أيضا تحققت القومية المصرية إذ قد وقف المصريون جميعا كتلة واحدة ضد التدخل الأجنبى ( البيزنطى ) الذى كان يستنزف جهد المصريين ليعيش هؤلاء الدخلاء حياة مرفهة بينما يعيش الشعب فى ظل العبودية والسخرة ، وبالرغم من أن الأنبا شنودة كان شغوفا بحياة العزلة منذ صباه إلا أنه كان يرقب الأحداث والتقلبات السياسية بكل أهتمام ، لقد وجه أهتمامه نحو الشعب ورأى أن يبدأ أولا بتحرير الشعب من مخاوفهم ومن الفزع الذى توحيه إليه الوثنية ، فبين لهم أن العناية الألهية تقيهم من كل أذى ، وأن الآب السماوى الذى بذل أبنه الوحيد لخلاصهم هو الذى يحميهم من كل قوات الشرير ، وقد قرن الأنبا شنودة تعليمه بالعمل على إطعام الجائع ويكسو العريان ويداوى المريض ويأوى الغريب ، وفوق هذا كله كان يذهب لساحة القضاء للدفاع عن المظلومين ، ولما كان الله قد حباه المقدرة على الكتابة والخطابة فقد استخدم هذه الموهبة ليستدرج القومية من مكمنها داخل القلوب ، وكان لا يخاطب الجماهير إلا باللغة المصرية ( القبطية ) بلهجتها الصعيدية . وكانت هذه النار التى اشعلها فى صدور المصريين هى التى جعلت الشعب يقف تلك الوقفة الحاسمة فى مجمع خلقيدون المشـــــئـوم حيث رفضوا أن يحنوا الهام للأمبراطور مرقيانوس حين زعم أنه يستطيع أن يفرض عليهم مذهبه الخلقيدونى الذى يخالف عقيدتهم الأرثوذكسية التى تعلموها عن آبائهم . ولم يكن الأنبا شنودة أبا لعدد عديد من الرهبان فحسب ، بل كان أبا للأف وثمانمائة راهبة أيضا ، وقد كتب لهؤلاء الراهبات رسلئل تعليمية عديدة لأرشادهن وتثبيتهن على الأيمان القويم . ومع أنه كان أبا لهذا العدد الكبير للرهبان والراهبات إلا أنه لم ينس قط أن حياة العزلة هى الحياة المثلى لمن يطلب أن يكون وثيق الصلة بالله ، وقد أمضى ذات مرة خمس سنين متواصلة فى مغارة مهجورة على بعد سحيق وسط الرمال ، هذه العزلة التى كان يمارسها باستمرار هى التى أهلته لأن ينال لقب " رئيس المتوحدين " وظل يمارسها حتى نهاية حياته . وكان ويصا تلميذه المقرب ( وكاتب سيرته ) هو الوحيد الذى كان مسموحا له بالتردد عليه فى حالة وجود عذر قاهر . ومن نعم الله على الشعب المصرى أن الله أطال فى عمر الأنبا شنودة حتى لقد بلغ الثامنة عشر بعد المائة – قضى ستة وستين عاما منها رئيسا لبضعة أديرة بعضها للرهبان وبعضها للراهبات . وبعد أن علم بساعة نياحته جمع حولـه أبنائه وأوصاهم وصيته الأخيرة وهى أن يحبوا بعضهم بعضا ويكملوا جهادهم بأمانة ، وأوصاهم بأن يقبلوا ويصا تلميذه رئيسا لهم من بعده ثم تنيح بسلام . وتكرمه الكنيسة بأهتمام عظيم فتذكر أسمه فى القداس والتسبحة ، ويكاد يكون الوحيد الذى تحتفل بعيد ميلاده فى 7 بشنس وأيضا تذكار نياحته فى 7 أبيب المبارك . هذا ونظرا للنزعة القومية العنيفة التى طغت على الأنبا شنودة فقد جعلت عددا كبيرا من المؤرخين الغربيين يعدونه المحرر للفكر المصرى من الربقة البيزنطية والممثل الحق للعبقرية الفرعونية . ومن الكنائس الأثرية التى لاتزال باقية للآن كنيسة على أسم الأنبا شنودة ببابلون ( الفسطاط ) ترجع إلى القرن الخامس ، وقد بذل الأقباط جهدا فى سبيل الأحتفاظ بها فجددوا عمارتها فى أوقات متباينة ، وكان الأنبا بنيامين الثانى ( البابا السكندرى ال 82 ) بين الذين رمموا هذه الكنيسة . والدير الأبيض من الأبنية الفريدة إذ هو شبيه بالمعابد الفرعونية ، وترجع تسميته إلى كونه مبنيا من الحجر الأبيض ، ويقع غربى سوهاج . ويشير التقليد إلى أن الملكة هيلانة – أم قسطنطين الكبير – هى التى أمرت بتشييده ، ولو أنها عاشت قبل الأنبا شنودة بحوالى قرن ، لذلك يرجح المؤرخين أنه بنى إبان حياة الأنبا شنودة ، ولم يبقى من الدير الأصلى غير كنيسته . وعلى مقربة من الدير الأبيض يقع الدير الأحمر ، وتسميته ترجع إلى أنه مبنى من الطوب الأحمر ، وتاريخه شبيه بالدير الأبيض وقد بنى أواسط القرن الخامس الميلادى حينما كان الأنبا بجول ( خال الأنبا شنودة ) رئيسا له . كذلك لم يبقى منه غير كنيسته التى يطلق عليها الأهالى اسم الأنبا بشوى . ولم تمتد أيدى التخريب للديرين إلا فى القرن الثامن عشر أثناء المعارك التى قامت بين المماليك والفرنج ، على أن العناية الألهية حفظت الكنيستين ، وبنعمة هذه العناية تقام الشعائر الدينية فيهما للآن . من أقوال القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين : + اذا كان هذا الزمان تعمل فيه الرذيلة فأيما هو الزمان الذى فيه الفضيلــــــة . + لا تكن صغير النفس ، ولا تفكر فى السوء ، بل كن وديعا ، فإن الودعاء يرثون الأرض . + كن طويل النفس بسيط القلب ، متواضعا فى كل حين ، وعاشر الأبرار وكل مايحل عليك من خير أو شر أقبله بالشكر وأعلم أنه لن ينالك شىء إلا بسماح من اللـــــــه .

آباء مجمع القداس الباسيلى

صورة فى موقع الموجة القبطية - آباء مجمع القداس الباسيلى

آباء مجمع القداس الباسيلى

المزيد من الموضوعات